محافظة أوكيناوا: جنة اليابان الاستوائية

 أوكيناوا: تاريخ بحري غني، شواطئ فيروزية، وثقافة فريدة

تُعد محافظة أوكيناوا، الواقعة في أقصى جنوب اليابان، أرخبيلًا ساحرًا يختلف تمامًا عن بقية البلاد. 

بمناخها شبه الاستوائي، وشواطئها ذات الرمال البيضاء والمياه الفيروزية، وشعابها المرجانية الغنية، وثقافتها الفريدة التي تُعرف باسم ثقافة ريوكيو (Ryukyu culture)، تُقدم أوكيناوا تجربة يابانية استوائية بامتياز، تجمع بين الاسترخاء، المغامرة، وتاريخ بحري غني.

نبذة تاريخية: مملكة مستقلة ثم نقطة تحول

يعود تاريخ أوكيناوا إلى آلاف السنين، لكنها لم تكن جزءًا من اليابان بالمعنى التقليدي لفترة طويلة. فمن القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر، كانت أوكيناوا مركزًا لـمملكة ريوكيو (Ryukyu Kingdom) المستقلة، التي ازدهرت كقوة تجارية بحرية بين اليابان، الصين، وكوريا، مما أكسبها ثقافة غنية ومتنوعة تأثرت بهذه التبادلات.

 تُعرف المملكة أيضًا بنظامها الاجتماعي الفريد وفنونها القتالية الخاصة مثل الكاراتيه.

في عام 1879، تم ضم مملكة ريوكيو رسميًا إلى اليابان لتصبح محافظة أوكيناوا. 

خلال الحرب العالمية الثانية، شهدت أوكيناوا واحدة من أشرس المعارك في المحيط الهادئ، وهي معركة أوكيناوا (Battle of Okinawa) في عام 1945، والتي أدت إلى دمار واسع وخسائر بشرية فادحة. 

بعد الحرب، وُضعت أوكيناوا تحت الإدارة الأمريكية حتى عام 1972، عندما عادت إلى اليابان. اليوم، تعمل أوكيناوا جاهدة للحفاظ على هويتها الثقافية الفريدة، بينما تُعزز السياحة وتُطور اقتصادها.

الموقع والمساحة والسكان: سلسلة جزر في المحيط الهادئ

تقع محافظة أوكيناوا في أقصى جنوب اليابان، وتتكون من أكثر من 160 جزيرة صغيرة وكبيرة، تمتد على مساحة واسعة في المحيط الهادئ. 

تُعد جزيرة أوكيناوا الرئيسية (Okinawa Hontō) أكبر الجزر. 

أقرب اليابسة إليها هي كيوشو شمالًا، بينما تتجه جنوبًا نحو تايوان والفلبين.

 بمساحة تبلغ حوالي 2,281 كيلومترًا مربعًا، تُعد أوكيناوا من أصغر المحافظات في اليابان من حيث المساحة البرية. 

تتميز بتضاريسها المنخفضة نسبيًا، شواطئها الرملية، وشعابها المرجانية الوفيرة.

 يبلغ عدد سكانها التقديري حوالي 1.46 مليون نسمة (حسب تقديرات 2024)، وتُعد المحافظة الأقل كثافة سكانية بين محافظات اليابان الرئيسية، وتوفر أجواءً هادئة ومساحات طبيعية واسعة.

نظام الحكم: جزء من البنية الديمقراطية اليابانية

بصفتها محافظة يابانية، تخضع أوكيناوا لنظام الحكم الديمقراطي المركزي. يُنتخب المحافظ ديمقراطيًا ليكون على رأس حكومة المحافظة. 

علم اليابان

تُعنى هذه الحكومة بإدارة الشؤون الإقليمية، بما في ذلك التنمية الاقتصادية (خاصة السياحة، الزراعة، وصيد الأسماك)، البنية التحتية، التعليم، الرعاية الصحية، وتعزيز الحفاظ على الثقافة الفريدة والتاريخ المعقد للمحافظة، كل ذلك ضمن الإطار القانوني والدستوري لدولة اليابان.

المدن الرئيسية: مراكز الحياة الاستوائية في أوكيناوا

تضم أوكيناوا عددًا من المدن الهامة التي تُشكل مراكز للنشاط في المحافظة:

ناها

• ناها (Naha): 

• عاصمة المحافظة وأكبر مدنها، تُعد مركزًا تجاريًا وثقافيًا رئيسيًا، وتشتهر بمينائها وقلعة شوري.

• أوكيناوا سيتي (Okinawa City):

• ثاني أكبر مدينة، وتُعرف بمرافقها العسكرية الأمريكية ومركزها الترفيهي.

• أوروما (Uruma): 

• مدينة تقع في الجزء الأوسط من الجزيرة الرئيسية، وتُعرف بشواطئها وجزرها الصغيرة.

الأكلات الشعبية: نكهات مميزة من الأرخبيل

يُعرف مطبخ أوكيناوا بنكهاته الفريدة التي تميزه عن بقية المطبخ الياباني، وغالبًا ما يركز على الخضروات، لحم الخنزير، والمأكولات البحرية، ويُعرف بكونه صحيًا ويساهم في طول عمر السكان. من أشهر الأكلات الشعبية:

• غويا تشامبورو (Goya Champuru): 

• طبق مقلي يُعد من الخضار المر (goya)، البيض، لحم الخنزير المعلب (spam أو توفو)، ويُعد من أشهر الأطباق المحلية.

• رافوتي (Rafute):

• لحم خنزير مطبوخ ببطء في صلصة الصويا الحلوة والساكي، حتى يُصبح طريًا جدًا.

• سوبا أوكيناوا (Okinawa Soba):

• نودلز سميكة من القمح (ليست سوبا الحنطة السوداء التقليدية) تُقدم في مرق لحم الخنزير، مع لحم الخنزير المطبوخ ببطء.

• تاكو رايس (Taco Rice): 

• طبق حديث نسبيًا يمزج بين تأثيرات المطبخ الأمريكي والمكسيكي والياباني، ويتكون من الأرز الأبيض المغطى باللحم المفروم المتبل، الخس، الجبن، الطماطم، وصلصة التاكو.

• أوميبودو (Umi-budō - عنب البحر): 

• نوع من الطحالب البحرية يُعرف بمظهره الذي يُشبه العنب، وله نكهة مالحة منعشة.

• دونوتسو (Sata Andagi): 

• كرات من العجين المقلي الحلو، تُشبه الدونات، وهي وجبة خفيفة شهيرة.

• أوا موري (Awamori): 

• مشروب كحولي محلي يُصنع من الأرز، ويُعد من أقدم أنواع المشروبات الروحية في اليابان.

الأماكن السياحية: من الشواطئ الفيروزية إلى المواقع التاريخية

توفر أوكيناوا مجموعة واسعة من الأماكن السياحية الجذابة، التي تُقدم مزيجًا من الجمال الطبيعي، التاريخ، والثقافة:

قلعة شوري

• قلعة شوري (Shuri Castle) في ناها: 

• كانت في السابق قصرًا ملكيًا لمملكة ريوكيو، وقد تم ترميمها بعد التدمير الذي لحق بها في الحرب العالمية الثانية. تُعد موقعًا للتراث العالمي لليونسكو ورمزًا ثقافيًا مهمًا (تعرضت لأضرار كبيرة بسبب حريق في 2019، وتخضع لعملية إعادة بناء).

• شاطئ كوري (Kouri Beach) وجسر كوري أوهاشي (Kouri Ohashi Bridge):

• شاطئ رملي أبيض جميل يتصل بجزيرة كوري عبر جسر طويل وخلاب يُقدم مناظر بحرية رائعة.

• أكواريوم تشوراومي أوكيناوا (Okinawa Churaumi Aquarium): 

• أحد أكبر أحواض الأسماك في العالم، ويشتهر بخزانه الضخم "بحر كوروشيو" الذي يضم أسماك قرش الحوت والمانتا راي.

• متحف السلام التذكاري في أوكيناوا (Okinawa Peace Memorial Park) ومتحف السلام التذكاري للكهف (Himeyuri Peace Museum): 

• مواقع مؤثرة تُخلد ذكرى ضحايا معركة أوكيناوا، وتُقدم رسالة قوية للسلام ونزع السلاح.

• جزيرة أوشيما (Oshima Island): 

• تُعرف بجمالها الطبيعي، وشواطئها الهادئة، وفرص الغوص والغطس في الشعاب المرجانية.

• كهوف غيوكوسيندو (Gyokusendo Cave): 

• نظام كهوف طبيعي مذهل يضم تكوينات صخرية جميلة، ويقع داخل حديقة أوكيناوا العالمية.

• حديقة حيوان فورست (Forest Zoo and Botanical Garden): 

• حديقة حيوان وحديقة نباتية كبيرة في مدينة أوكيناوا.

• جزر كيراما (Kerama Islands): 

• مجموعة من الجزر الاستوائية الصغيرة قبالة ساحل أوكيناوا الرئيسية، وتُعرف بمياهها الزرقاء الصافية، شعابها المرجانية البكر، وفرص الغوص والغطس.

• منارة كيب مانزا (Cape Manzamo): 

• نقطة تطل على منحدرات صخرية درامية على شكل "فيل" تُقدم إطلالات بانورامية على المحيط.

• حديقة غيوكسيندو والقرية الثقافية (Okinawa World - Gyokusendo Cave & Kingdom Village):

• مجمع ترفيهي يضم كهفًا طبيعيًا، وقرية ريوكيو تقليدية، وعروضًا ثقافية.

العملة: 

العملة المستخدمة في محافظة أوكيناوا، كما هو الحال في جميع أنحاء اليابان، هي الين الياباني (JPY).

 تتوفر أجهزة الصراف الآلي على نطاق واسع في المدن الرئيسية والمناطق السياحية، وتقبل معظم المتاجر والمطاعم والفنادق بطاقات الائتمان الرئيسية.

بشواطئها الفيروزية، وتاريخها الفريد الذي يمزج بين مملكة ريوكيو المستقلة واليابان الحديثة، ومأكولاتها الشهية التي تعكس هذا المزيج الثقافي، تُقدم أوكيناوا تجربة يابانية استوائية لا مثيل لها لكل زائر. 

...................