عالم الألوان في العيون البشرية:
تعتبر العيون نافذة الروح، وهي من أبرز السمات التي تميز كل إنسان عن الآخر.
وما يزيد من سحرها هو التنوع الهائل في ألوانها وتدرجاتها، مما يجعل كل زوج من العيون لوحة فنية فريدة تعكس جمالاً خاصاً.
فمن الأزرق السماوي إلى البني الدافئ، ومن الأخضر النادر إلى الرمادي الغامض، تتشابك الجينات والعوامل البيئية لتخلق هذا الطيف اللوني الساحر.
من المعروف أن لون القزحية الأكثر شيوعًا هو البني، فأغلب الناس على وجه الأرض لديهم عيون بنية أكثر من أي لون آخر، لكن ما هو أندر لون للعين؟
يقال إن اللون الأخضر هو أندر لون للعين في العالم، فوجد استطلاع أجرته الأكاديمية الأمريكية لطب العيون عام 2014 أن 9 % فقط من الناس لديهم عيون خضراء، و45 % لديهم عيون بنية، و18 % يملكون عيونًا عسلية بينما 27 % عيونهم زرقاء.
كيف تتحدد ألوان العيون؟
يعود السر وراء تنوع ألوان العيون إلى كمية ونوع صبغة الميلانين الموجودة في قزحية العين (الجزء الملون من العين).
تلعب الجينات دوراً حاسماً في تحديد هذه الكمية، حيث تتفاعل عدة جينات لتحديد اللون النهائي بشكل عام:
-
العيون البنية:
-
العيون الزرقاء:
تنتج عن كمية قليلة جداً من الميلانين في القزحية، وسبب اللون الأزرق ليس وجود صبغة زرقاء، بل هو ظاهرة بصرية تُعرف باسم "تشتت رايلي للضوء" (Rayleigh scattering)، حيث يتم امتصاص الأطوال الموجية الطويلة للضوء (مثل الأحمر والأصفر) وتشتيت الأطوال الموجية القصيرة (مثل الأزرق)، مما يعطي العين مظهراً أزرق. تختلف تدرجات الأزرق من الأزرق السماوي الفاتح إلى الأزرق الداكن القريب من الكحلي، وتعتبر رمزاً للصفاء والهدوء.
-
العيون الخضراء:
تعتبر من الألوان النادرة نسبياً، وتنتج عن مزيج من كمية قليلة إلى متوسطة من الميلانين، بالإضافة إلى وجود صبغة صفراء تسمى "ليبوفوسين" (Lipofuscin)، وتشتت رايلي للضوء. تتراوح تدرجات الأخضر من الأخضر الزيتي الدافئ إلى الأخضر الزمردي الزاهي، وغالباً ما ترتبط بالغموض والجاذبية.
-
العيون العسلية:
تمثل مزيجاً فريداً من الألوان، حيث تحتوي على كمية متوسطة من الميلانين مع وجود صبغة الليبوفوسين. تتميز بقدرتها على تغيير لونها تحت إضاءة مختلفة، فتبدو أحياناً بنية، وأحياناً أخرى خضراء أو ذهبية. هذا التدرج المتغير يضفي عليها لمسة من التميز والجاذبية.
-
العيون الرمادية:
تشبه العيون الزرقاء في آلية تكونها، ولكن مع كمية أقل من الميلانين وقزحية أكثر كثافة. تختلف تدرجات الرمادي من الفاتح الذي يميل إلى الفضي، إلى الداكن الذي قد يميل إلى الأزرق أو الأخضر في بعض الإضاءات. تمنح العيون الرمادية مظهراً أنيقاً وذكياً.
تدرجات الألوان وجمالها الفريد:
لا تقتصر ألوان العيون على هذه الفئات الرئيسية، بل تتفرع إلى تدرجات لا حصر لها، فنجد:
- العيون "الهيزل" (Hazel):
- التي تجمع بين البني والأخضر والذهبي في تناغم فريد.
- العيون "الكهرمانية" (Amber):
التي تتميز بلون ذهبي أو نحاسي دافئ وموحد.
- العيون المتغيرة:
- التي يتغير لونها بشكل ملحوظ حسب الإضاءة أو حتى الحالة العاطفية للفرد.
- العيون ذات الحلقات الملونة:
- حيث يظهر لون مختلف في محيط البؤبؤ أو حول القزحية الخارجية.
أجمل ألوان العيون: مسألة ذوق شخصي وجمال متفرد
لا يوجد لون عين يمكن اعتباره "الأجمل" على الإطلاق، فالجمال مسألة نسبية وتعتمد على الذوق الشخصي والثقافة.
فبينما يرى البعض العيون الزرقاء أو الخضراء أكثر جاذبية لندرتها، يجد آخرون في العيون البنية عمقاً ودفئاً لا يضاهى.
إن الجمال الحقيقي يكمن في التناغم بين لون العين وملامح الوجه ولون البشرة والشعر، وفي التعبير الذي تحمله هذه العيون.
الأهم من لون العين هو البريق الذي تضفيه، والنظرة التي تعكسها.
فكل لون، بتدرجاته الفريدة، يروي قصة، ويعكس شخصية، ويضفي لمسة من الجمال البشري المتنوع والساحر.
إن فهمنا لتنوع ألوان العيون وتدرجاتها يزيد من تقديرنا لهذا الجزء المعقد والساحر من تركيبتنا البشرية.
سبحان الله في خلقه .
..............................