تقع مدينة إربد شمال المملكة الأردنية الهاشمية، وتُعرف بلقب "عروس الشمال"، لما تتمتع به من جمال طبيعي ومكانة علمية وتاريخية مميزة. تعد ثاني أكبر مدينة أردنية من حيث عدد السكان بعد العاصمة عمان، وتتميز بتاريخها العميق الذي يمتد لآلاف السنين، حيث كانت مركزًا للحضارات، وملتقى للعلم والثقافة.
التاريخ والأصول:
تعود جذور مدينة إربد إلى العصور البرونزية، حيث كانت تُعرف في العهد الروماني والإغريقي باسم "Arabella". وازدهرت المدينة في تلك العصور بفضل موقعها الإستراتيجي في سهل حوران الخصيب، مما جعلها مركزًا تجاريًا وزراعيًا هامًا.
كما كانت جزءًا من الديكابوليس، وهو اتحاد عشر مدن رومانية مزدهرة، وتحتفظ المدينة حتى اليوم بعدد من الآثار الرومانية والبيزنطية، منها الأعمدة القديمة والمدافن والمواقع الأثرية المحيطة مثل بيت رأس وأم قيس.
الجغرافيا والموقع:
تقع إربد على ارتفاع يتراوح بين 500 إلى 620 مترًا فوق سطح البحر، وتُحيط بها سهول خصبة تشتهر بزراعة القمح، والشعير، والزيتون، إضافة إلى كروم العنب والخضروات. تبعد عن العاصمة عمان حوالي 80 كم، وتُعد مركزًا مهمًا لمحافظات الشمال.
السكان والمجتمع:
يتجاوز عدد سكان مدينة إربد مليون نسمة، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في المملكة. يتميز مجتمعها بالتنوع، إذ تستضيف المدينة سكانًا من أصول مختلفة، بما في ذلك لاجئون فلسطينيون وسوريون، مما أضفى على ثقافتها طابعًا متنوعًا وغنيًا.
التعليم والجامعات:
تُلقب إربد بـ"مدينة العلم" نظرًا لوجود عدد من أهم الجامعات الأردنية فيها، وعلى رأسها:
-
جامعة اليرموك: من أعرق الجامعات في المملكة، وتتميز بكليات الآداب والإعلام.
-
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية: إحدى أبرز الجامعات في المنطقة، وتتفوق في التخصصات العلمية والطبية.
هذا التواجد الأكاديمي جعل إربد مقصدًا للطلبة من الأردن والدول المجاورة.
الاقتصاد والبنية التحتية:
يعتمد اقتصاد المدينة على الزراعة في المقام الأول، ثم التجارة والخدمات، إلى جانب وجود مدن صناعية تستقطب الاستثمارات، مثل مدينة الحسن الصناعية. كما يشهد قطاع التكنولوجيا والتعليم نموًا متسارعًا بفضل دعم الحكومة والمؤسسات الدولية.
السياحة والآثار:
تُعد إربد من أبرز الوجهات السياحية في شمال الأردن، لما تضمه من مواقع تاريخية وطبيعية:
-
أم قيس (جدارا): مدينة أثرية تطل على بحيرة طبريا، وتضم آثارًا رومانية مدهشة.
-
بيت رأس: منطقة تاريخية تضم مقابر وكنائس أثرية.
-
سحم الكفارات ودير يوسف: قرى جميلة تتميز بطبيعتها الخلابة وآثارها القديمة.
-
متحف إربد الأثري: يعرض قطعًا أثرية تعود للعصور الكنعانية والرومانية والإسلامية.
الثقافة والحياة اليومية:
تشتهر المدينة بالحياة الثقافية النشطة، من مهرجانات أدبية وشعرية، إلى احتفالات تقليدية وندوات فكرية. كما تحتفظ المدينة بأصالة التقاليد الأردنية، خاصة في اللباس، المطبخ، والضيافة.
أشهر الأكلات الشعبية فيها تشمل:
-
المنسف الأردني
المقلوبة
المجدرة
الخبز العربي البلدي
حاضرها ومستقبلها:
تواصل إربد اليوم نموها الحضري والعمراني بشكل لافت، مع توسع شبكات الطرق، وبناء المجمعات التجارية الحديثة، والمشروعات السكنية. كما تعمل على تطوير البنية التحتية الرقمية لتصبح مدينة ذكية تدعم ريادة الأعمال والتكنولوجيا.
خاتمة:
مدينة إربد ليست فقط مركزًا حضريًا في شمال الأردن، بل هي مرآة حضارية تجمع بين أصالة الماضي وزخم الحاضر. ومن يزورها، سيجد فيها دفء الناس، وعمق التاريخ، وسحر الطبيعة في لوحة متكاملة تستحق الاستكشاف.
..................................